انا هاحكى لكم قصة واقعية وحقيقية
حصلت لى خلتنى اعيد التفكير فى حاجات كتير افكر فى حالى وحالتى وبلدى ودنيتى كلها
الكلام ده كان يوم 6 اكتوبر اللى فات
صحيت من النوم كالعادة متأخر
اتمطعت وقومت ادور على حاجة اشربها ( اصلى مش من هواة الفطار الصبح )
المهم عملت كباية نسكافيه وطلعت اقعد فى الصالة
وطبعا كان الحاج قاعد هناك لانه اجازة ومن هواة الصحيان بدرى
فتحت التليفزيون وقلبت فى القنوات كلها مالقيتش غير اغانى وطنية
وافلام زى ( الرصاصة لا تزال فى جيبى - بدور - الطريق الى ايلات )
طبعا اتخنقت لانى كان عندى امل اشوف كليب ( لروبى او نجلا مثلا )
او فيلم كوميدى او فيلم اجنبى اكشن
بس للاسف رحت قافل التليفزيون وجوايا خنقة مالهاش حدود
وبصيت للحاج وقولتله هو احنا هانعيش اليوم كله فى حكاوى الحرب دى
بس .....
ولقيت علامات الاستهجان والاستنكار اترسمت على وشه
وطلع صوته بحرقة وقاللى ( ما هو انتوا ما شفتوش اللى احنا شوفناه عشان تقولوا كده وما عملتوش اللى احنا عملناه دى كانت ملحمة ... الخ )
طبعا كالعادة اتشاغلت عن كلامه بالنظر للسقف او معاكسة دبانة معدية من جنبى عمال اهشها اهو اى حاجة اسلى فيها وقتى لحد ما قصيدة الحرب والسلام لتلستوى دى تخلص
لحد ما فجأة حصلت حاجة غريبة قوى قوى قوى قوى
وسط كلام الحاج وانا بجرى بعنيا ورا الدبانة
جات عينى فى عيون الحاج وشفت ساعتها حاجة مش ممكنة
حاجة غريبة
شفت فى عيونه نظرة
( اه والله نظرة )
شقلبت الدنيا
نظرة ما شفتهاش فى عيون اصحابى او اخواتى
نظرة ما شفتهاش فى الجامعة او مع الشلة
نظرة ما شفتهاش فى النادى او فى الكافيهات اللى بروحها
نظرة كنت خايف اشوفها
نظرة شقلبت حالى
النظرة دى كانت نظرة بطل
نظرة فخر
نظرة اعتزاز باللى عمله
ولاول مرة فى اليوم ده بالذات ابص له قوى واركز فى ملامحه وهو بيتكلم
واشوف الفرحة وهو بيحكى عن بطولاته
هو واصحابه
هو واعمامى وخلانى
هو وجيله كله ولقتنى باسأله ( بابا هو جدى الله يرحمه لما كان بيقعد معاك كان بيحكيلك على ايه )
قاللى كان بيحكى معايا عن ثورة عرابى
ده جدك كان ثورجى قديم
ده مشى مع سعد فى ثورة 1919
وكان واقف ورا احمد عرابى على طول
ده لولاه ما كنتش انا ولا انتا بقينا هنا
زى ما لولا ما حاربنا فى 1973 ما كنتوش انتوا اتوجدتوا
ودى كانت اخر كلمة سمعتها من الحاج
مع انه فضل يتكلم عن الحرب اكتر من ساعتين وانا ما اتحركتش من مكانى
بس انا ماكنتش انا وما كنتش هنا
كنت بفكر فى حاجة تانية خاااااااااااالص
وبسأل نفسى سؤال تافه قووووووووووى
انا ليه ....؟؟؟؟ انا لما هاقعد مع اولادى بعد كده هاقولهم انا ايه ؟؟؟؟؟؟؟
انا عملت ايه فى حياتى
هاقولهم انا كنت بطل فى ايه ؟
هاقولهم انى حاربت البطالة خمس سنين متواصلة لحد ما انتصرت عليا فى الاخر واضطريت الجأ للواسطة عشان اشتغل ؟؟؟؟!!!!!!!!
ولا هاقولهم انا كنت بحارب يوميا فى المواصلات عشان لقمة العيش لحد ما لقيتها
ولا هاقولهم انى حاربت الحكومة وانا صغير لما كنت معور ابن الجيران وكانوا عاوزين يقبضوا عليا وكنت بهرب منهم لحد ما بقت قضية وخدت فيها شهر مع الايقاف عشان المحامى كان شاطر
هاقولهم ايه
لما هاقعد مع اولادى هاحكيلهم على ايه
ايه البطولة اللى انا او انتا او غيرنا من الجيل كله عملها يتحكى عليها
ايه كان دورنا فى الحياة
الحاج سمعته مرة بيقول لواحد من اصحابه وبيوصيه
( انا عاوز لما اموت يتكتب على قبرى بطل من ابطال حرب 73 )
طيب انا ممكن اكتب على قبرى ايه ؟؟؟
( ولد وعاش ثم مات )
طيب بلاش انا اصلى مش لوحدى ولا مشكلتى انا بس ياترى جيلنا كله هايكتب على قبره ايه
ايه دورنا فى السياسة ولا فى البلد
دى اكبر مشاركة عملناها فى حياتنا انتخابات مجلس الشعب
( والله اعلم اصواتنا دى اللى اتعدت ولا اصوات جدودنا اللى ماتوا )
طبعا فاهمين
انا بس بسأل سؤال واحد هنا وعاوز اشوف الردود
كل واحد يفكر ها تكتب على قبرك ايه بعد ما تموت ؟؟؟؟؟
عاوز حد يجاوبنى وعاوز اشوف الردود